خفض سنّ الاقتراع شبه مستحيل لهذه الأسباب… هل يخضع الاقتراح للمساومة؟
قبل كل انتخابات نيابية في لبنان تفتح قوى سياسية ملف سن الإقتراع، ففي حين لا يزال هذا السنّ محدداً بـ 21، على خلاف كل القوانين اللبنانية التي تعتبر الشاب بعمر الـ 18 عاماً “راشداً قانونياً”، هناك مطالبات دائمة بخفضه لإشراك فئة واسعة من الشبّان الذين نراهم أساسيين بعمل الماكينات الانتخابية لدى كل الأحزاب، دون أن يكون لهم حقّ المشاركة بالاقتراع.
هذه المرّة، هناك محاولة “قانونية” لخفض السنّ، إذ قدم كلّ من النواب بلال عبدالله، رولا الطبش، قاسم هاشم، أكرم شهيب، سامي فتفت، جهاد الصمد، أسامة سعد، هادي أبو الحسن، وفيصل الصايغ اقتراح قانون إلى مجلس النواب لتعديل المادة 21 من الدستور، أي خفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً، وقد اعتمد النواب بالأسباب الموجبة لهذا الاقتراح التطور السياسي والاجتماعي الذي لحق بالمجتمع اللّبناني ودور المجلس النيابي بتأمين حق شباب “مستقبل” لبنان.
بعد هذا الاقتراح أجرت الدولية للمعلومات دراسة حول التغييرات التي تطال أعداد الناخبين في لبنان بحال خُفّض سنّ الاقتراع، فتبيّن أنّ العدد سيرتفع بمقدار 280 ألف ناخب، 180 ألف منهم مسلمين و100 ألف مسيحيين، الأمر الذي يجعل بحسب الدراسة نسبة الناخبين المسلمين 67 بالمئة، و33 بالمئة مسيحيين.
فوائد خفض سنّ الإقتراع أكبر من أن تُعد أو تحصى، فمشاركة الشباب في العملية الانتخابية تجعل المرشحين مهتمين بشؤونهم وقضاياهم، كما يتكوّن الوعي السياسي لدى الشباب باكراً ما يُعطي حيوية للحياة السياسية التي هي بمعظمها هرمة في لبنان.
رغم الفوائد الكبيرة لخفض سنّ الاقتراع، كانت ولا تزال التركيبة الطائفية العائق الرئيسي أمام تحقيق هذه النقلة النوعية، ففي حين ينادي الجميع بالدولة المدنية نجد أن التطبيق يصطدم بعوائق فكرهم الطائفي، ولكن إلى جانب هذا السبب هناك رأي يقول بأن رفض هذا الأمر ليس حكراً على المسيحيين، فجميع الأحزاب لا تريده والسبب ببساطة هو عدم قدرتهم على السيطرة على الشباب بعمر الـ 18 لأنهم العنصر الأكثر رغبة في تغيير الواقع السياسي والحزبي في البلاد، في هذا العمر يكون الشباب أكثر اندفاعًا لإحداث انقلاب على الوضع الحالي ولديهم ما “رومانسية الثورة”، إذ لا يكونوا قد تخرجوا من جامعاتهم بعد واكتشفوا حاجتهم للأحزاب في التوظيف، خاصة في هذه الظروف التي يمر بها البلد منذ 3 أعوام، فالشباب ابتعدوا أكثر عن الأحزاب، وكفروا بالمنظومة الحالية، ويفكرون بالتغيير بشكل جدي ويعملون لأجله.
من المستبعد جداً التوافق على خفض سنّ الإقتراع، تقول مصادر نيابية عبر “أحوال” مشيرة إلى أنّ كثرة طلبات تعديل القانون “تطيّر” كلّ التعديلات المقترحة، كاشفة أنّ سنّ الاقتراع قد يخضع للمساومة، عبر ربطه بطلبات أخرى.
وتُشير المصادر إلى أنّ السبب الرئيس لمنع خفض سنّ الاقتراع كان بالسابق ولا يزال هو التفكير الطائفي، علماً أنه بالحسابات الطائفية لم يكن يوجد تأثير كبير لمشاركة هذه الفئة من الناخبين، ولكن تغيّرت القاعدة، ما يجعل إقرار هذا التعديل أصعب من قبل.
محمد علوش